د. عز الدين الكومي
كاتب مصري
من المعروف أن المشروع الصهيوني تجاه السودان قديم وليس وليد اللحظة كما يظن البعض.
فمشروع تقسيم السودان إلى خمسة دويلات حسب استراتيجية “شد الأطراف ثم بترها” التى تبناها الهالك “بن جوريون” أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني هو ما حدث بالفعل وأدى لانفصال جنوب السودان بمباركة أمريكية غربية صهيونية .
وهذا الأمرهو ما يريدون تكراره في غرب السودان في دارفور،وفي الشرق في إقليم البجة،وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق .
وهذا الكلام ليس من باب الرجم بالغيب، بل من استقراء الواقع والتاريخ وتصريحات دبلوماسيين في بلدان مختلفة مهتمة بالصراع في السودان.
والسودان اليوم يواجه عدداً من التحديات والصراعات ومحاولة تغيير هويته الحضارية الإسلامية.
فبينما يعتبرالسودان جزء لايتجزأ من الأمتين العربية والإسلامية ..فهناك من يسعى لربط السودان بإفريقيا فقط فيما يعرف بـ “أفرقة الوجه الحضاري للسودان”وربطه بالعالم الغربي ومنظومته الفكرية ذات الصبغة المسيحية العلمانية.
وتتولى الولايات المتحدة الأمريكية كبر مشروع تقسيم السودان وتفتيته .
فقد أصدر مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن في يناير من عام 2004م تقريراً عن السودان بعنوان: “لضمان السلام ..إستراتيجية ما بعد الصراع في السودان” .
يقول التقرير:”إن السودان يشكل بلداً رئيساً في الحرب الأمريكية ضد الأنظمة “الفاشلة” والنزاعات المتصلة بالإرهاب في القرن الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر،وإذا قُدّر للولايات المتحدة أن تفشل في اتخاذ خطوات كفيلة بمنع السودان من الانزلاق في إطار الدول “الفاشلة”.. فإن عدم الاستقرار في الإقليم سوف يؤدي إلى تهديد المصالح الأمريكية الحيوية فيه”
ويضيف “كما أن السودان يعتبر قطراً مهماً لتطبيق إستراتيجية واشنطن الهادفة إلى إدخال الديمقراطية والانفتاح في الشرق الأوسط ،لا سيما بين المجتمعات المسلمة،فإنهاء الحرب في السودان يهيئ الفرصة مع الشركاء العرب والأصدقاء والحلفاء الآخرين للترويج لرؤية واشـنطن وإسـتراتيجيتها في المنطقة، وإن الالتزام بسودان ما بعد النزاع سيتردد صداه في ما وراء الخرطوم؛ خاصة في ظل الصعوبات الدبلوماسية التي تواجهها واشنطن في الدول العربية والإسلامية بشكل عام” .
ولاشك أن الولايات المتحدة ماضية في خطتها لتفتيت السودان في ظل حالة الصمت والعجز العربي والإسلامي للأسف الشديد .
واليوم دويلة الإمارات- كما وصفها النائب البريطانى السابق “جورج غالاوي” بقوله : “الإمارات عبارة عن محطة وقود بها علم تقف خلف تنفيذ المشروع لتنفيذ أجندتها الخاصة في السودان لأسباب عديدة منها:-
١- استئصال شأفة التيار الإسلامي في السودان كما فعلت في مصر.
٢- الاستيلاء على موانئ بالبحر الأحمر باعتبارها مخلب الكيان الصهيوني – وإن شئت فقل كيان صهيوني بغترة وعقال!
٣- الاستيلاء على منطقة الفشقة الخصبة لزراعتها .
وكانت دويلة الإمارات قدمت مبادرة لحل أزمة الفشقة، تنص على انسحاب الجيش السوداني إلى وضع ما قبل نوفمبر العام الماضي، وتقسيم الفشقة بنسبة 40% للسودان و40% للإمارات و20% للمزارعين الإثيوبيين، تحت إدارة مشروع استثماري تقيمه الإمارات في المنطقة الحدودية !! .
وتتميز أراضي “الفشقة” السودانية، البالغ مساحتها 251 كيلومتراً مربعاً، بخصوبتها الزراعية، وهي مقسمة إلى ثلاث مناطق: “الفشقة الكبرى” و”الفشقة الصغرى” و”المنطقة الجنوبية”.
الإمارات قامت بهذه المبادرة ليس حباً في السودان ولكن لدعم مصالحها مع إثيوبيا لزيادة نفوذها في المنطقة، في ظل وجود استثمارات لها داخل إثيوبيا بجانب إسرائيل .
المنطقة الاستثمارية تضم مساحات زراعية كبيرة غير مستغلة كلياً وتعتبر أرضاً بكراً لم تتم زراعتها من قبل ، والتي ستوفر لها ٧ مليار دولار سنويا.
والإمارات في ذلك تتصرف وفق منظورها الخاص لمستقبل المنطقة الذي تريد أن تلعب فيه دورا أكبر من دورأي بلد آخر، تحت مظلة الاستثمارات والعلاقات وبدعم قوي من إسرائيل”.
وهذا “مصطفى الفقي”-رجل النظام في مصر- يلقى باللوم على دول خليجية لم يسمها تستثمر بقوة في إثيوبيا، وقال في تصريحات سابقة:”بعض العرب تهاونوا في الضغط على إثيوبيا في هذا الموضوع، ولو أوقفوا استثماراتهم وقالوا إن محاولة خنق مصر مرفوضة، لكانت إثيوبيا قد انتبهت؛ لكن لم يفعل ذلك أحد”.
وللإمارات دور مشبوه لايخفى على أحد في موضوع سد النهضة بالتعاون مع الكيان الصهيوني للضغط على دولتي المصب مصر والسودان وتوصيل مياه النيل للكيان الصهيوني. .
وإذا أضفنا إلى ماسبق الصراع الأمريكي الروسي علي البحر الأحمر والذهب.. فقد حصلت روسيا في السابق على وعد بإقامة قاعدة عسكرية على البحر الأحمر منذ حكم البشير وحصلت على وعود من الدعم السريع بمنحها قاعدة عسكرية وشراكة في التنقيب واستخراج الذهب من المناجم التي يسيطر عليها الدعم السريع.
وكان ل”فاجنر”دور بارز في تدريب عناصر الدعم السريع والمشاركة جنباً إلى جنب في المعارك التي خاضها الدعم السريع ضد الجيش السوداني وتأمين شبكات الاتصال والدعم اللوجستي .
ولاننسى أن لدويلة الإمارات دعم مستمر وجسر جوي لمد الدعم السريع بالسلاح وتزويده بأجهزة التشويش والمسيرات والذخائر فضلاً عن الدعم الإعلامي والتنسيق مع قوى الحرية والتغيير (قحت) وتسخير آلتها الإعلامية التي تدار من “أبوظبى”لبث الشائعات وإلصاق التهم بالجيس السوداني والتغطية علي انتهاكات قوات الدعم السريع من اغتصاب الحرائر ونهب الأموال العامة وتدمير البنية التحتية للدولة والاستيلاء على ممتلكات المواطنين فضلاً عن القتل وسفك الدماء!
فالسودان اليوم يقع فريسة للصراعات الدولية والإقليمية والحروب بالوكالة فضلاً عن ظهور خيانات بين صفوف قادة الجيش والشرطة وهو ما عقَّد المشهد السوداني برمته!!